انعقدت المحكمة و قال مجلس القرود لقد قبلتم بنا حكما بينكم فلا مجال للاعتراض بعد الحكم
و لقد علمتم أن من يثبت عليه الخطأ فان جزاءه لن يكون غير القتل .. فهل أنتم موافقون
قالت النعجة : نعم يا سيدى .. و قال الذئب : و أنا كذلك
قال القرد الحكيم : فانطقى أيتها النعجة و احكى ما بدا لك
قالت النعجة : لقد هاجمنى فى سربي واستغل موت زوجى ليراودنى عن نفسى فلما استعصمت جرى إلى أولادى و اختطف من بينهم واحدا رأيته يمزقه بأنيابه أمام مقلتي و لم تشفع لى صرخاتى و دموعى و توسلاتى إليه بأن يرحمه
ثم أكملت و الدموع تملأ عينيها : سيدى القرد الحكيم .. أرنى عدلك و اقتص لي و لولدى من هذا الذئب القاتل
نظر القرد إلى الذئب و قال له : أما تدافع عن نفسك أيها الذئب !!
فتبسم الذئب و كشف عن أنيابه الحادة ثم قال : بلى سيدى القرد و لكن حسبى تلك الابتسامة ففيها خير المقال
نظر القرد الحكيم إلى بقية اخوانه القرود ثم قال : الآن حصحص الحق .. يجب انزال أقصى حكم على ذلك الذئب المجرم و القصاص منه .. فما قولكم إخوتى
تبادل الجميع النظرات وما لبثوا حتى قالوا فى صوت واحد : حكمت المحكمة على النعجة بالقتل و لتنفذ الحكم بنفسك أيها الذئب
أخذت النعجة فى الصراخ و هى تلعن القرود و حكمهم الجائر و تقول : أتذبحون الذبيح !! أتجلدون المكلوم !! الله بينى و بينكم يوم القيامة
لم تكمل النعجة صراخها فقد أجهز الذئب عليها بضربة واحدة و هو يقهقه فى نشوة عارمة
ترقرقت الدموع بمقلة القرد الحكيم و هو يقول : تبا لكم .. أما علمتم أن النعجة لها حق
رد عليه مجلس القرود و قالوا : بلى .. و لكن علمنا كذلك أن الذئب له أنياب
لم أرى تصويرا أفضل من تلك الخاطرة أصور بها الحال التى آلت اليها مجتمعاتنا اليوم من التهليل للظالم و رجم المظلوم
إذا سار شاب فى ركب الراحلين إلى ربهم و بدأ فى التزام أوامره ثم حدث كالعادة أن يبدأ الأمن السلطانى فى تضييق الخناق عليه وجدت الناس يلقون على الشاب باللوم لأنه اختار أن يكون عبدا لله و خالف عبيد المأمور
إذا ذهبت فتاة لزيارة أهلها فقام انسان حقير بالتعرض لها و التحرش بها رأيت الناس يصرون على أنها هى المخطئة لأنها تسير وحدها و لربما يبررون لهذا المريض فعلته بأنه معذور لأنه لا يستطيع الزواج !!
إذا قام رجل يخشى الله إلى حاكم جائر ينهاه عن المنكر فقتله ذلك الجائر لن تجد الناس إلا ساخطين على الرجل الصالح متهمين إياه بأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة و ستجد ألف ألف عذر للحاكم الجائر
أقول لهؤلاء اتقوا الله و اعلموا أنكم واقفون لا محالة بين يديه يوم العرض عليه
أفكلما نكل النظام و أعوانه بالشرفاء قلتم لعلهم كانوا يخططون لانقلاب عسكري !!
أفكلما انحنى مبارك لليهود ليمتطوا صهوة بلادنا و ينهبوا خيرها قلتم إنما يفعل ذلك حفاظا علينا من ويلات الحروب !!
أفكلما قتلت الشرطة مواطنا أو عذبت آخر قلتم إنما يفعلون ذلك لأن هذا هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع المجرمين !!
حسبنا الله و نعم الوكيل فيكم أيها المشاركون للظالم فى جرائمه .. المتسترون عليه
إن كان الخوف و الجبن قد منعكم من الوقوف إلى جانب الحق فلا تثريب عليكم فهذا طبعكم .. و لكن العار كل العار أن يدفعكم هذا الجبن إلى الوقوف بجوار الباطل
أذكركم أخيرا بحادثة المرأة المسلمة التى رفضت أن تكشف عن وجهها للبائع اليهودي فكشف اليهود عن عورتها و لما رأى رجل مسلم ما حدث قتل اليهودي الذى فعل ذلك فقتلوه .. و لقد تعلمون أن قد ترتب على ذلك حرب بين النبي و اليهود شاء الله بعدها أن يطهر جزيرة العرب من نجاسة اليهود
لعلكم لو كنتم موجودين آنذاك لألقيتم باللوم على المرأة لأنها هى التى ذهبت لتشترى من اليهود أو لقلتم لماذا لم تكشف عن وجهها و ترتاح و لعلكم كذلك اتهمتم الرجل المسلم العفيف بالتهور و الهوجائية لأنه تسرع بالدفاع عن أخته المسلمة .. لعلكم قلتم كل ذلك و أكثر و يليق بكم ذلك القول فهذا خلقكم
و لكن النبى الأكرم ما كان هذا خلقه .. بل كان خلقه احتضان المظلوم و القصاص له من ظالمه
فاعلموا أن الله يمهل و لا يهمل و أنه - عز و جل - يملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته و لا حول و لا قوة إلا بالله
Posted by
عمرو الشاعر

23 يوليو 2009 في 8:30 ص
قضية وطن ...
23 يوليو 2009 في 10:50 ص
جزاك الله خيرا أخي
فكلامك ملامس للواقع بشكل كبير
حيث تقلب المعايير
و يتحول الظالم إلى مظلوم
بورك قلمك أخي
بوست مميز وأسلوب رائع
23 يوليو 2009 في 11:19 ص
بوركتم اختاى و لكم أسعدنى حقا تواجدكم فى مدونتى المتواضعة
25 يوليو 2009 في 5:09 ص
"فاعلموا أن الله يمهل و لا يهمل و أنه - عز و جل - يملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته و لا حول و لا قوة إلا بالله"
بارك الله فيك اخي الفاضل
تصوير لواقع مرير
قلبت الآيه وأصبح المظلوم هو الظالم
بورك في قلمك وزادك الله علما وهدى
25 يوليو 2009 في 10:46 م
دمتى لنا اختا فضلى أختنا الفاروقة و جزاك الله كل الخير على تعليقك
27 يوليو 2009 في 1:40 ص
ولكن وان هرب الظالم واستمر فى ظلمه وجبروته..أين يذهب من ربه ؟؟ !!
حقا..يمهل ولا يهمل
جزاكم الله خيرا كثيرا..وجعل مدونتكم ذخرا للإسلام والمسلمين
27 يوليو 2009 في 3:00 م
الظالم بيزيد جبروته بسببنا
لن يسامحنا التاريخ لو فرطنا او لو حسسنا نفسنا ان احنا جبنا اخرنا لسبب ان احنا فعلا لسه مجبناش اخرنا
المجتمع اللى حوالينا ده مش محتاج مننا أكثر من اننا نحسن ونتقن صنع أنفسنا كأدوات للنهضه عشان هو مش هيفوق الا بنهضه يصنعها النخبه
2فى الميه قادرين على صنع النهضه
النهضه بشمولها اللى هتؤأد الظالم
بوست من أروع ما قرات
تقبل مرورى
28 يوليو 2009 في 9:50 ص
أختى درعمية زيارتكم تزيدنا شرفا و فخرا فبارك الله فيك أخيتى و أدام قلمك خآطا للحق أبد الدهر
أختى د / دارين يكفينى من تعليقك الكريم هذا أننى تعرفت الى مدونتك الرائعة
جزاكم الله عن الاسلام خيرا و جزا الاسلام عنكم كل خير
29 يوليو 2009 في 9:29 ص
السلام عليكم
تدوينة جميلة يااستاذ عمرو بارك الله فيك
وكنت بالفعل سأنزل تدوينة عن شئ مثل هذاا الموضوع
المشكلة في نظام مبراك أن تدميره للبلد ليس كأي تدمير فالطغيان والظلم كان موجود في كل العصور والفترات في مصر ولكن المشكلة الان أن الناس أصيبت في فطرتها فأصبحت تري الحق باطل والباطل حقا أصبحوا لايميزون
يعني يقولوا الاخوان عايزين السلطة
يعني بالله عليك أنت شاب في بداية حياتك أو كنت رجل أعمال وعايز سلطة هاتروح للاخوان ولا للحزب الوطني أنما تقول أيه في أفهام الناس اللي عايزة تتصلح ووتظبط
وعندما تصاب أفهام الناس وفطرتهم فعلي الدنيا السلام ومحتاجين أننا نربي الكبير قبل الصغير
ولا تعجب إذا ماهوجمت أثناء تربيتكللمجتمع بانك شخص غبي أو أنك دون كيشوت الذي حارب طواحين الهواء فغالبا مايقوم اهلنا بعملية اسقاط لانهم لايستطيعون فعل مانفعل أو لانهم رضوا لانفسهم بأن يعيشوا في الهوان قليلا أو كثيرا ورأوا دينهم يمتهن ولم يتحركوا وأكتفوا بمصمصة الشفايف دون فعل إيجابي لتغيير هذا الوضع
وعامة لعله خير
بوست موفق
والسلام
اليعقوبي
29 يوليو 2009 في 10:38 م
بوست موفق ايه بقى يا أخ يعقوبى .. ده رد حضرتك أحسن من البوست نفسه :)
بارك الله فيك أخى الحبيب و زيارتك حقا شرفت المدونة
1 أغسطس 2009 في 9:22 م
جزاكم الله خيراً
هي الدنيا..,وهم الساعون خلفها.., والساعي خلف الدنيا لا نلوم عليه فعله
فهو أعمى البصيرة..جاف القلب..معدوم الرحمة
فلا عجب في ذلك من ظالمٍ..ومن تابعٍ له
ولكن يبقى:
"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
2 أغسطس 2009 في 11:07 ص
الله أكبر أختنا .. كفيتنا التعليق من بعدك فجزاك الله كل الخير و لم يمتك الا شهيدة